أخبار وتقاريرإختيار المحررالعرض في الرئيسة

القربي يطرح رؤيته للسلام في اليمن ويتحدث عن اخفاقات الأمم المتحدة والقوى المتصارعة والتدخل في مؤتمر الحوار وسبب الأزمة والحرب ودور الخارج

يمنات – صنعاء

قال الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني الأسبق، ان سبب الأزمة الطويلة في اليمن يعود جزئياً إلى تعنت الأطراف اليمنية، عوضا عن مساهمة مبعوثي الأمم المتحدة الخاصين، و سفراء الدول الراعية لعملية السلام، و التدخل العسكري للتحالف، و قرارات مجلس الأمن الدولي، و التي ساهمت جميعها في إطالة أمد الصراع.

و أشار إلى أنه نتيجة لذلك أصبح واقع الصراع في اليمن ملتبساً بسبب لعبة تبادل اللوم التي تمارسها الأطراف المتصارعة، و كثرة المقالات و التقارير التي يكتبها الصحفيون و مراكز البحوث، خاصة تلك التي تمولها القوى الإقليمية التي ترعى الأطراف المتنازعة في اليمن؛ لتعزيز مخططاتها و الدفاع عن مواقفها.

المبعوثيين الأمميين

و لفت القربي في مقال له نشره في موقع مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، أن من العوامل الإضافية التي حالت دون إحراز تقدم، تصورات المبعوثين الأممين بشأن أزمة اليمن و الشعب اليمني، فضلاً عن خبرتهم في حل الصراعات أو العمل في مناطق الصراع.

و أشار إلى أن هؤلاء جاؤوا بحلول جاهزة و نظرية، و ظنوا أن تطبيقها ممكن على الأزمة في اليمن بأسلوب النسخ و اللصق.

و نوه إلى أن أحد الأخطاء التي ارتكبتها الجهات الفاعلة غير اليمنية المشاركة في محاولة حل الأزمة في اليمن، هو عدم فهمها لجذور الأزمة السياسية في البلد.

بداية الأزمة

و أوضح أن الأزمة الحالية بدأت قبل الربيع العربي بزمن طويل، و هي تحمل في طياتها آثار العديد من الاضطرابات السياسية في كلٍ من شمال اليمن و جنوبه، و الصراعات السياسية الداخلية و تأثيرات القوى الإقليمية، فضلاً عن المظالم الطائفية و القبلية و المحلية الناجمة عن سوء الحكم و التوزيع غير العادل للثروة و السلطة.

و أشار إلى أن بعض رعاة السلام الدوليين دعموا لتمرير قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216 – الذي يقضي أساساً باستسلام حركة أنصار الله المسلحة غير المشروط – و افتقارهم إلى الحياد، و تعقيد حل الصراع.

الدول الخمس

و قال ان رعاة حل النزاع تجاهلوا، لا سيما الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، مبادرة مجلس التعاون الخليجي، التي أكدت جميع قرارات مجلس الأمن في ذلك الوقت على أنها أساس للاتفاق السياسي لعام 2011. مؤكدا أن الرعاة لم يلتزموا بها قط في المراحل اللاحقة من الصراع.

المبادرة الخليجية

و زعم الدكتور القربي أن قبول اليمنيين لمبادرة مجلس التعاون الخليجي كان ناتجاً عن حقيقة أن مشروعها الأصلي كتبه مفاوضون من المؤتمر الشعبي العام، و كانوا يفهمون جذور الصراع و مواقف مختلف المعارضين.

و لفت إلى أن الأهم من ذلك أنهم التزموا بمنع تصعيد الأزمة السياسية و تحويلها إلى صراع عسكري.

و ابدى اسفه من أن جمال بن عمر، أول مبعوث خاص للأمم المتحدة إلى اليمن، و رغم نجاحه في حمل الأطراف على الاتفاق على آلية تنفيذ مبادرة مجلس التعاون الخليجي، فشل مع رعاة السلام، في ضمان التزام الرئيس عبد ربه منصور هادي و لجنة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني للفترة 2013-2014 بمبادرة مجلس التعاون و لوائح المؤتمر.

غض الطرف عن المخالفات

و أشار إلى أن غض الطرف عن المخالفات في الإخفاقات اللاحقة أثر على التقدم الذي أُحرز في الفترة الانتقالية. معتبرا أن من بين أكثر الأمور ضرراً إدراج توصيات غير توافقية في التقرير النهائي لمؤتمر الحوار الوطني من أجل تلبية مصلحة “هادي” في تهميش بعض الأطراف السياسية و رغبته في فرض رؤيته الخاصة لنظام المناطق الفيدرالية، الأمر الذي من شأنه أن يحافظ على النظام الرئاسي بدلاً من النظام البرلماني الذي اختاره فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني.

مؤتمر الحوار

و أكد القربي أن مؤتمر الحوار الوطني بدأ على أساس خاطئ بتجاهله أولاً مبدأ توافق الآراء في تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر و رئاسته و أمانته. منوها إلى أن “هادي” سيطر مع المقربين منه و المبعوث الخاص، على العملية برمتها. معتبرا أن تلك العملية افتقرت إلى الشفافية و لم تلتزم بقواعد و إجراءات مؤتمر الحوار.

و أشار إلى أن العامل الثاني وراء فشل مؤتمر الحوار في تحقيق أهدافه، كان عجز زعماء الأطراف السياسية عن إدراك حقيقة أن دور المؤتمر يتمحور حول إنقاذ اليمن، و ليس منصة لتسوية النزاعات القديمة. موضحا أن الأطراف المشاركة في المؤتمر لم تكن توافقية و لا مستعدة لتقديم تنازلات.

و قال: بدلاً من محاولة استعادة ثقة الأطراف السياسية التي عبّرت خطياً عن اعتراضاتها على التقرير النهائي، واصل “هادي” تنفيذ بعض توصيات مؤتمر الحوار بطريقة انتقائية، بينما تجاهل توصيات أخرى.

و أوضح أن “هادي” تجاهل التوصيات و المعايير المتعلقة باختيار أعضاء الهيئة الوطنية التي ستشرف على تنفيذ توصيات المؤتمر، و غيَّر قائمة المرشحين للجنة الدستورية، و هم أفراد اختارتهم لجنة شُكلت وفقاً لتوصيات المؤتمر التي ترأسها “هادي” نفسه.

و أضاف: علاوة على ذلك، غيّر “هادي” نصف الأعضاء المختارين دون التشاور مع لجنة الاختيار أو أي من الأطراف السياسية.

و أعتبر القربي أن هذه الأحداث بالإضافة إلى جهود “هادي” المستمرة للتأثير على اللجنة الدستورية أثناء إعداد مشروع الدستور، أدت إلى زيادة التوتر و انعدام الثقة، لا سيما بينه و بين “أنصار الله”.

و نوه إلى أن شغل “هادي” الشاغل في ذلك الوقت كان إنقاذ رئاسته عبر ضمان أن يعكس مشروع الدستور رؤيته الخاصة لدولة موحدة متعددة الأقاليم في ظل نظام رئاسي.

و تابع: بينما كانت الأزمة تتفاقم بين “هادي” و  “أنصار الله”، لعب المبعوث الخاص دور الوسيط بينهما، فيما كان الأول في ذلك الوقت يفقد السيطرة و كان “أنصار الله” يكسبون الزخم، بعد قاتلوا الجماعات السلفية في قرية دماج بمحافظة صعدة، و تقدموا نحو صنعاء.

و لفت إلى أن فريق السفراء الذين يرعون عملية السلام، شجعوا “أنصار الله”؛ بتقاعسهم عن العمل سواء في الميدان أو داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مع تدهور الوضع بشكل خطير.

الفترة الانتقالية وصراع هادي وباسندوة

و قال ان الفترة الانتقالية ابتليت بضعف القيادة في جميع المجالات و تدهور العلاقة بين رئيس الوزراء محمد باسندوة و الرئيس، لأن “هادي” تجاوز رئيس الوزراء ليتعامل مباشرة مع الوزراء في الحكومة.

و أضاف: كما لم يتشاور هادي مع باسندوة و لم يدعُه إلى حضور اجتماعات تتعلق بالمسائل الأمنية و العسكرية.

و أعتبر أن “هادي” اتخذ جميع القرارات الأمنية و العسكرية، و استُبعدت الحكومة تماماً من أي قرارات تتعلق بها. مؤكدا أن رئيس الوزراء من جانبه لم يستطع تحدّي الرئيس، و لم يصر على مسؤوليته المشتركة مع الرئيس في المسائل الأمنية، الأمر الذي أثر بصورة مباشرة على أداء الحكومة.

و لفت إلى أن النقطة الأخرى التي جرى تجاهلها في الفترة الانتقالية هي أن “هادي” كان رئيساً توافقياً اُختير كجزء من اتفاق سياسي، ما يوجب عليه العمل مع أعضاء الحكومة الانتقالية كشركاء متساوين في إدارة البلد.

و قال: مع تزايد الخلافات بين الرئيس و رئيس الوزراء و ظهورها إلى العلن، لم يتدخل المبعوث الخاص و لا رعاة التسوية السياسية لتصحيحها.

زعماء المشترك وابن عمر

و لفت إلى أن زعماء تكتل أحزاب اللقاء المشترك، تخلو عن رئيس الوزراء الذي اختاروه، و انحازوا إلى جانب الرئيس للحفاظ على امتيازاتهم، ما زاد من إضعاف موقف رئيس الوزراء و تفاقم الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الأمنية.

و أكد أن رئيس الوزراء حينها استبعد من جميع التطورات في الصراع بين الرئيس و “أنصار الله”، و لم يكن أمامه خيار سوى الاستقالة بعد سيطرة “أنصار الله” على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014.

و لفت إلى أن المبعوث الأممي حينها، و بعد سيطرة أنصار الله على صنعاء، و في محاولة منه لإنقاذ مهمته في الأمم المتحدة من الفشل، دعا الأطراف السياسية المتورطة في الصراع إلى إجراء مشاورات في محاولة التوصل إلى حل بشأن التطورات الجديدة.

و أكد أن الحلول المقترحة التي تم توصل إليها في المشاورات اعيقت بصورة جزئية بسبب رفض “هادي” لاقتراحين منفصلين لتشكيل مجلس رئاسي، ما جعل “أنصار الله” يرفعون سقف مطالبهم مع سيطرتهم على المزيد من المحافظات.

هروب هادي وتقدم أنصار الله

و أعتبر أن هروب “هادي” إلى عدن في فبرائر/شباط 2015 زاد من عزله و حرمانه من فريقه الاستشاري الذي بقي في صنعاء، فلم يتمكن من إدارة الحكومة بفعالية أو قيادة القوات المسلحة للبلاد، التي ضعفت معنوياتها و تشرذمت بسبب خطة إعادة الهيكلة و التردد في مواجهة أنصار الله.

و قال: طوال فترة مفاوضات إنهاء الصراع التي امتدت من أكتوبر/تشرين أول 2014 إلى مارس/آذار2015، واصل أنصار الله مسيرتهم نحو المحافظات الجنوبية دون أي مقاومة فعّالة و دون معارضة صارمة من الجهات الفاعلة الدولية أو التابعة للأمم المتحدة. مرجعا ذلك الوضع نتيجة لتضارب مصالح رعاة السلام الدوليين في اليمن، و عدم فعالية القيادة اليمنية.

و تابع: واصل أنصار الله، الذين رفضوا قبول نصيحة العديد من القادة السياسيين، التقدم نحو عدن و قصف الجوي للقصر الرئاسي في معاشيق. الأمر الذي دفع هادي إلى اللجوء للطريق الذي سلكه نائب الرئيس السابق علي سالم البيض في عام 1994، بالفرار إلى عُمان، ما دفع التحالف إلى التدخل.

تدخل التحالف

و أعتبر أن توقيت التدخل العسكري للتحالف في 25 مارس/آذار 2015 حين كان “هادي” في طريقه إلى عُمان و ليس في عدن لم يكن مفهوماً، خاصة أن “هادي” أعرب عن دهشته حين سمع بالتدخل و هو في طريقه إلى عُمان.

و قال: لم يكن التدخل العسكري للتحالف في اليمن استجابة لدعوة هادي للمساعدة في مواجهة تمرد أنصار الله. مرجعا أن تكون الأولوية الرئيسية وراء اتخاذ الإجراءات هي الإعداد لاحتمال استيلاء أنصار الله على كافة الأراضي اليمنية أو احتواء أي تهديد محتمل على الأراضي السعودية.

و أكد أنه أياً كانت الدوافع وراء تدخّل التحالف الذي تقوده السعودية، فإن أهدافه و استراتيجيته طويلة الأجل كانت غير واضحة، و افتقرت إلى خطة للخروج، خاصة في بداية الصراع حين مثلت رفضاً صريحاً للحل السياسي.

الدور الامريكي البريطاني

و تابع: لسوء حظ مؤيدي التحالف، بما في ذلك الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و فرنسا، فبدلاً من وقف التدخل العسكري و الخوض في التوصل إلى حل سياسي، قامت الدول السالفة الذكر بدعمه دون وضع خطة للخروج في حسبانها، لأنها اعتقدت أن إلحاق الهزيمة بـ”أنصار الله” لن يتطلب سوى بضعة أسابيع.

و نوه إلى أن حرب اليمن كانت بالنسبة للولايات المتحدة و غيرها من مؤيدي التحالف، فرصة أيضا لعقد صفقات بيع أسلحة، ما جعل خطة الخروج ضرورية لأن النصر كان الخيار الوحيد.

و أعتبر القربي في مقاله أن التدخل العسكري لبلدان مجلس التعاون الخليجي كان متسرعاً، و أهمل حقيقة أن مبادرة مجلس التعاون الخليجي ظلت ورقة قوية في يدها.

و قال: أتيحت لهذه الدول الفرصة لإعادة تفعيلها من أجل وقف التصعيد الجديد باستكمال المبادرة عن طريق إضافة مرفق تكميلي يتناول التطورات في الصراع منذ عام 2011. و كان يمكن لمبادرة دبلوماسية جديدة أن تشمل رعاية جولة جديدة من المفاوضات بين الأطراف اليمنية مع تقديم حوافز مالية و ضمانات سياسية و أمنية لوقف القتال. مشيرا إلى أن هذا المسعى أصبح الآن غير مرجح بسبب الانقسامات بين دول مجلس التعاون.

سوء ادارة التحالف للحرب وقرارات مجلس الأمن

و أعتبر أن سوء إدارة التحالف للأوضاع الأمنية و الاقتصادية و الاستجابة غير الكافية لاحتياجات الشعب، أفسد نجاحه العسكري الأولي في “تحرير” محافظة عدن و المحافظات الجنوبية الأخرى، إضافة إلى التنسيق الضعيف بين السعودية و الإمارات من جهة، و الحكومة “الشرعية” في اليمن من جهة أخرى.

و لفت إلى أنه مع استمرار الحرب، توجهت جميع الجهود إلى دحر “أنصار الله”، لكن دون استراتيجية سياسية و عسكرية واضحة و شاملة. معتبرا أن سياسات التحالف في ما يسمى بالمحافظات “المحررة” و تهميش الحكومة “الشرعية” أدت إلى تصوير التدخل العسكري الذي شنه التحالف في الأوساط اليمنية على أنه “عدوان” و ليس تدخلاً لإعادة تنصيب الحكومة “الشرعية”.

و تابع: أصبح الانقسام بين طرفي الصراع أكثر وضوحاً في مفاوضات الكويت عام 2016، حين أعاق وفد الحكومة العملية؛ برفضه التفاوض ما لم ينفذ “أنصار الله” قرار الأمم المتحدة 2216.

و أعتبر أن هذا القرار انحاز بوضوح لصالح الحكومة. لافتا إلى أن الأهم من ذلك افتقار القرار إلى خطة للتنفيذ، حيث طالب الجانب الحكومي كذلك بتنفيذ البنود العسكرية من القرار قبل حل المسائل السياسية.

و تابع: في ذلك الوقت، تصاعدت أيضاً وتيرة القصف الجوي للتحالف و هجمات أنصار الله داخل الأراضي السعودية.

مفاوضات الكويت

و نوه إلى أنه في فترة المفاوضات بالكويت، أجرت السعودية عدة مفاوضات مباشرة مع أنصار الله أسفرت عن توقيع سبعة اتفاقات، لكن أياً منها لم يُنفذ؛ لأن هذه المفاوضات السرية أثارت مخاوف و شكوكاً في أوساط اليمنيين بشأن “أنصار الله”.

و أعتبر أن هذه الاتفاقات عالجت الشواغل الأمنية الأساسية للسعودية، التي كان من الممكن تحقيقها عبر مفاوضات يمنية – يمنية، لأن جانب صنعاء كان على علم بالشواغل الأمنية للمملكة، و أنه يجب معالجتها كجزء من أي اتفاق سلام بين اليمنيين، و علاوة على ذلك، كان لدى وفد صنعاء شواغل مماثلة ينبغي أن يتناولها بشأن أمن اليمن.

و أعتبر أن هناك عاملان إضافيان منعا إبرام اتفاق في الكويت، الأول كان المبعوث الخاص للأمم المتحدة آنذاك، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي كانت نواياه حسنة و لكنه للأسف لم يتمكن من تحرير نفسه من ضغوط التحالف و مطالبه.

و قال: في مناسبتين التقى وفد صنعاء مع “ولد الشيخ” على انفراد لمناقشة مقترحات لمعالجة شواغل التحالف من أجل مساعدته على تحقيق تقدم كبير، لكنه ردّ قائلاً إن التحالف لن يقبلها. مشيرا إلى أن سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن كرروا هذا الموقف في بعض المناسبات.

سفراء الـ”18″

و عن السبب الثاني، قال القربي إنه الموقف الذي اتخذه سفراء مجموعة الـ18، و هي مجموعة من سفراء مجلس التعاون الخليجي و السفراء الدوليين تتضمن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، و التي تم تشكيلها في صنعاء بعد توقيع مبادرة مجلس التعاون الخليجي لتسهيل و رعاية عملية السلام في اليمن.

و لفت إلى أن انتقال مجموعة السفراء بعد ذلك إلى الرياض عندما أصبحت العاصمة السعودية قاعدة لـ”هادي”، فكانت هذه المجموعة من السفراء موجودة في جميع مواقع المفاوضات، و لكن بدلاً من أن تكون على مسافة متساوية من الطرفين المتنازعين، استغلت اجتماعاتها مع وفد صنعاء للضغط عليه و تهديده بشأن ثمن رفض اقتراح المبعوث الخاص بحل الصراع.

و أكد أنه بدلاً من معالجة شواغل وفد صنعاء و المساعدة على حلها، واصلت مجموعة السفراء المطالبة بتنفيذ القرار 2216. مشيرا إلى أن هذا الموقف ظل قائماً حتى حدد وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك جون كيري القرار 2216 على أنه السبب في الجمود. منوها إلى أن “كيري” توسط من خلال العمانيين للتوصل إلى اتفاق مثمر مع مندوبين من صنعاء في مسقط في ديسمبر/كانون أول  2015، لكن جاءت هذه المبادرة الأميركية، التي كان من الممكن أن تحيي مفاوضات السلام الشامل، في نهاية ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، و رفضها الائتلاف و الحكومة “الشرعية” المعترف بها دولياً.

تفاؤل مارتن غريفيث واخطاؤه

و عن المبعوث الأممي الحالي، مارتن غريفيث. قال القربي: قبل تعيينه في عام 2018 كمبعوث خاص للأمم المتحدة إلى اليمن، ألقى محاضرة في مركز الملك فيصل للبحوث و الدراسات الإسلامية بالرياض في نوفمبر/تشرين ثان 2017، ذكر فيها أن حل الصراع في اليمن أسهل من حل الصراع في سوريا أو ليبيا، ما أثار قدراً كبيراً من التفاؤل لأنه كان مرشحاً قوياً المنصب الشاغر للمبعوث الخاص إلى اليمن. مشيرا إلى أن ما سماها بـ”تنبؤات” غريفيث المتفائلة استندت إلى زيارته القصيرة إلى صنعاء قبل بضعة أشهر من تعيينه و التي التقى فيها بقيادة أنصار الله.

و قال: لا يزال غريفيث متفائلاً بعد مرور عامين و نصف على توليه المنصب، إلا أن هذا التفاؤل لا يدعمه تطور الأحداث على أرض الواقع و لا يشاركه إياه اليمنيون.

و تابع: يبدو أن غريفيث وقع في فخ الوعود و التقديرات الكاذبة. إذ ضغط من أجل التوقيع على اتفاقات انطوت على عثرات، و الأسوأ من ذلك أنها افتقرت إلى أي نية حقيقية من جانب الموقعين لتنفيذها.

و أعتبر أن أكبر خطأ ارتكبه غريفيث كان في بداية بعثته، حين لم يفكر لا هو و لا السفراء الراعين لعملية السلام في أفضل السبل التي تمكن المبعوث الجديد من إحياء العملية السياسية.

كما أن الخطأ الاستراتيجي الذي ارتُكبه غريفيث، بحسب تقدير القربي هو اتخاذ قرار ببدء العملية عند نقطة الصفر بدلاً من البدء من حيث وصلت نتائج مفاوضات الكويت و الاستناد على مبادئ التسوية التي تم التوصل إليها هناك. معتبرا أن إغفال هذه النقطة أدى إلى ضياع البوصلة فيما بعد.

مسئولية مجلس الأمن

و حمل القربي مجلس الأمن قدراً من اللوم على تطور الأحداث في اليمن. موضحا أن المجلس لم يدرك أولاً، أن حيزاً من فشل المبعوثين الخاصين في إحراز تقدم كان نتيجة قرارات متسرعة و غير متوازنة، كالقرار 2216، الذي مرره مجلس الأمن بتوافق الآراء بين الدول دائمة العضوية، إذعاناً لتأثير اللاعبين الإقليميين.

و أكد أن الحالة ازدادت سوءاً بسبب تردد مجلس الأمن في التساؤل عن السبب وراء عدم تنفيذ قراراته، كما في حالة القرار 2216، و إعاقة تحقيق تسوية. معتبرا أن إخفاق مجلس الأمن الآخر كان هو عدم الإمعان الجدي بتصريحات المبعوثين الخاصين بالأمم المتحدة لمعرفة العقبات التي واجهوها، فضلا عن أن الأمر قد يكون راجع إلى أن المبعوثين تجنبوا التصريحات عن قضايا لا ترغب الدول الخمس دائمة العضوية في إثارتها، مثل التأثير السلبي الذي خلفه القرار 2216 على تقدم المفاوضات.

و أعتبر أن عجز الأمم المتحدة عن حل أزمة اليمن هو واحداً من إخفاقاتها العديدة في المنطقة. مشيرا إلى أن هذه الإخفاقات ناتجة عن إحجام مجلس الأمن عن الخوض في أسباب الأخطاء السابقة و تغيير الاعتقاد الخاطئ بأن تعيين مبعوث جديد من شأنه أن يصحح المسار.

و قال: تؤدي إخفاقات الأمم المتحدة المتكررة في حل الصراعات إلى تراجع الثقة فيها، خاصة حين يرى العالم أن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تضع مصالحها فوق ميثاق الأمم المتحدة و قيم العدالة و القانون الدولي.

رؤية للسلام

و أكد القربي أن اليمن يقف اليوم على مفترق طرق بين المصالحة و السلام، أو يصبح مرتعاً للفُرقة و التمرد و التقلقل الإقليمي و الذي قد يخرج تماماً عن نطاق السيطرة.

كما أكد أنه حان الوقت لكي يتقبل التحالف و اللاعبون الإقليميون حقيقة أن الخطوة الأولى نحو حل الصراع في اليمن تتلخص في التخلي عن أجنداتهم السرية و الحروب بالوكالة التي لن تخدم مصالحهم في الأمد البعيد و لن تحقق الاستقرار الإقليمي.

و شدد إلى أنه و بدلاً من ذلك، يجب على هذه الأطراف الفاعلة أن توحد قواها و تعمل معاً من أجل إنهاء الحرب و الحفاظ على يمن متحد و مستقر، و الذي من خلاله سيشارك الجميع في تحقيق الأمن الإقليمي لصالح الجميع.

و طالب معرقلي السلام و المستفيدين من الصراع، سواء كانوا أمراء حرب أم منتجي أسلحة، أن يعيدوا النظر في مواقفهم نظراً للدمار الذي يلحقونه باليمن، و من أجل التخفيف من خطر انتشار الصراع إلى بلدان أخرى في المنطقة.

و قال: لا يمكن تحقيق هذا دون حمل اللاعبين غير اليمنيين على إنهاء صراعهم بالوكالة في اليمن. مشددا على أنه يتوجب على مجلس الأمن بذل جهود متضافرة تماماً لرعاية القوى الإقليمية و الدولية للاتفاق على عملية سلام تشكل حجر الأساس لمفاوضات شاملة بين اليمنيين.

كما شدد على وجوب عودة جمع اليمنيين إلى طاولة المفاوضات، دون أي استثناءات أو شروط مسبقة، و تحميلهم مسؤولية التفاوض على اتفاق سلام عادل و منصف للجميع مع توفير الضمانات و الحوافز اللازمة من القوى الدولية و الإقليمية. مؤكدا في الوقت نفسه على ضرورة وجوب أن يفهم معرقلو عملية السلام من اليمنيين عواقب أفعالهم.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى